Subscribe:

add

1

موقع اخبار مصر فيديوهات video hot

الخميس، 30 أغسطس 2012

بيان هاام من الكاتبة فاطمة ناعوت إلى المواقع المسيحية






اعترضتُ على إعادة نشر أخباري ولقاءاتي التليفزيونية ومقالاتي، في مواقع مسيحية لأنها "لا تلتزم بأصول المهنية" في نقل الأخبار، وطلبت منها عدم النشر إلا بالتزام المهنية، فغضبت تلك المواقع مني، واعتبرت طلبي "إهانة"، بل ورمتني "بالغرور"، وأصدرت قرارًا حادَّ اللهجة بعدم النشر لي مستقبلا. وهو القرار الذي أرحبُ به، وأشكرهم عليه. 

ومن واجبي المهني والأخلاقي توضيح الأمر، منعًا لالتباس الحقائق لدى القراء. 

الحكاية أن تلك المواقع، وأعلم مدى حب القائمين عليها لي، تتتبع تصريحاتي ومقالاتي ولقاءاتي التليفزيونية، ثم تعيد نشرها في مواقعها. لكنها كثيرًا ما تقع في شَرَك "عدم المهنية" في عدة أمور منها. 

1- إغفال ذكر مصدر المقال. وهو ما قد يعرضني للمساءلة القانونية، لأنه يتنافى مع حقوق الملكية الفكرية للجريدة التي أكتب فيها. حيث ينص العقد بيني وبين الجريدة على عدم جواز إعادة نشر مقالي بها في مكان آخر، إلا "بعد ذكر المصدر". 

2- وضع نعوت وألقاب لا تروق لي قبل اسمي. تلك الألقاب تستفز القارئ من ناحية، لما لها من مبالغة، ومن ناحية أخرى تنتقص من المهنية في توصيف الناس. من هذه النعوت: (الرائعة فاطمة ناعوت، الجريئة ناعوت، وهلم جرّا من ألقاب تُفقد القارئ حقه الطبيعي في القراءة الحيادية دون التأثير عليه برأي مسبق على المادة المكتوبة وعلى كاتبتها. 

وقد سبق وكلفتُ واحدًا من فريق عملي، بإرسال رسالة إلى تلك المواقع لرفع لقب (الرائعة) الذي يسبق اسمي حال إعادة نشرهم مقالاتي بالصحف، واستجابت بعض المواقع مشكورة، ولم تستجب أخرى. 

3- وهو الأمر الأكثر خطورة، وضع "عناوين" للمواد تنحو منحى التهويل والتضخيم. وكثيرا ما تنحرف تلك السمة عن مسارها، فتخرج من حيز المبالغة لتدخل في حيز "التزييف". ولأننا شعبٌ معظمه لا يحب القراءة، تتعرض موادي للظلم الشديد لأن كثيرًا من المتابعين والقراء يكتفون بقراءة (عنوان) المادة وفقط، ولا صبر لهم للدخول إلى (متن) المادة لمعرفة حقيقة الرأي المطروح فيها. فتشيعُ عني آراء لم أقلها، وتصريحات لم أُدلِ بها. وأجدُ نفسي في معارك تافهة لا معنى لها، تشغلني عن المعارك الحقيقية التي نخوضها، نحن مثقفي مصر، مع رجعييها الظلاميين. 

• من ذلك مثلا فيديو شهير على يوتيوب، وكان حلقة تليفزيونية تحمل سجالا بيني وبين أحد الشيوخ نناقش فيه أمورًا إشكالية مثل تعدد الزوجات في الإسلام، ومثل عام الرمادة وحد السرقة الذي عطله عمر الفاروق الخ. 

وتطرقنا إلى باب "الناسخ والمنسوخ" في القرآن الكريم. فإذا بأحد المواقع المسيحية ينقل الفيديو من يوتيوب ويعيد تحميله بعد وضع لوجو الموقع المسيحي، واضعًا عنوانًا لا علاقة له بما قيل في الحلقة وهو: (فاطمة ناعوت تعترف أن القرآن يناقض بعضه بعضًا) أو (فاطمة ناعوت تعترف أن القرآن متناقض)!! وانتشر "العنوان" الكاذب بشكل هائل على صفحات فيس بوك وتويتر، وانطلقت السهامُ تنال من نحري، دون أن يكلف أحد أولئك "الرماة" العتاة خاطره لمشاهدة "الفيديو نفسه"، بدل الاكتفاء الكسول بقراءة عنوان زائف. الأمر نفسه حدث مع فيديو آخر ذكرت فيه أن المسيحية [من] أرقى الديانات، وكذلك البوذية رغم أن الأولى سماوية والثانية وضعية. فما كان من المواقع إلا أن أعادت نشر الفيديو بعد حذف لفظة (من) ليخرج بالعنوان التالي: (الرائعة فاطمة ناعوت تعترف أن المسيحية أرقى ديانات الأرض). فانهدّ العالم فوق رأسي، وحزن المسلمون، ولهم عذرهم، وتوعدني المتطرفون بالويل والثبور وعذاب القبور، وزعم التافهون أنني "تنصّرت" وشاعت الشائعات في مجتمعٍ وقودُ فتنتِه الشائعاتُ. وغير ذلك عشراتُ الأمثلة التي تكرس فكرة أن "الحب" كثيرًا ما يقتل ولو عن غير عمد. إن لم ينتهج الدقة في النقل والموضوعية في الطرح. أعرف تمام المعرفة أن منطلق كل تلك الأمور هي المحبة التي تحملها تلك المواقع لكتاباتي التي يرون فيها اعتدالا واهتمامًا بقضايا المرأة والأقليات بوجه عام، وعلى وجه خاص بملف أقباط مصر الذين أرى بالفعل أنهم لم ينالوا حقوقهم في المواطنة كما يليق باسم مصر المحترم، ولا كما يليق بثورة يناير التي قامت ضد الظلم. كما أعلم أن ما يفعلونه لا يحمل أية قصدية سوء، بل على العكس قصدية المحبة هي الطرحُ الأوحد في هذه القضية، لكن عدم قصدية الإيذاء لا تبرر الإيذاء. 

أعلنُ الآن أنني أقبل بكل رضا دفع فاتورة "آرائي"، ولكن لماذا عليّ أن أدفع فاتورة "آراء سواي"؟ أتحمل مسئولية "ما أقول" بنفس راضية، ولكن هل عليّ أيضًا تحمل مسئولية "ما لم أقل"؟! 

الكل يعلم ما أتعرض له منذ سنوات من سخافات يطلقها سخفاء يظنون أن انتصاري لتكريس قيم العدالة والمحبة بين أبناء بلدي معناه تحيزي لفئة دون فئة، وهي السطحية بعينها. كما يعلمون ما يطالني اليوم من حملات تشويه وصلت حدَّ التكفير والمساس بشرفي! والسبب هو انتقادي للإخوان والمتطرفين المتأسلمين الذين يشوهون الإسلام ويروعون الناس منه، ويفككون وحدة نسيج وطننا الطيب! وتكسرت النصالُ على النصال فوق صدري على يد متربصين كسالى خاملين لا يجيدون القراءة، ولا عقل لهم لتدبر ما يقولون. لهم آذان كبيرة يسمعون بها ما يقوله الناسُ عن الناسِ، وهو ما أسميته ثقافة: (قالوا له) وما سمّاها ابن رشد ثقافة: (النقل لا العقل), ومع تلك الآذان الكبيرة التي تنقل، وتلك الألسن الطولى التي تردد الكلام كالببغاء ثم تشتم وتسبّ وتُكفر وتطعن وتلعن وتكذب؛ أغفلوا، بكل أسف، أن يعملوا على بناء عقولهم لتنضج، فتفكر كثيرًا قبل أن تتكلم قليلا! ومع كل هذا فأنا راضية بتحمل سهامهم التي تُزيد من ثقتي بأنني أسير على طريق الحق والخير والعدل والجمال الذي هو مسعاي الأوحد. ولكن من العسير قبول تلك السهام في آراء لا تخصني، تنتج من تحريف كلام عن سياقه أو اختلاق عناوين ضخمة ليست لها علاقة بمضمون القول. 

رسالة محبة لكل تلك المواقع الطيبة التي ترميني بالغرور والتعالى، إن كانت المفاضلة بين "إعادة نشر مقالاتي وتصريحاتي ولقاءاتي التليفزيونية" (دون الالتزام بالمهنية)، وبين (عدم النشر)، فأنا أرحب بكل فرح بالخيار الثاني. لأن احترامي لنفسي ولقارئي هو الهدف الوحيد لقلمي. 

تحية للجميع 
فاطمة ناعوت 
21 أغسطس 2012 

0 التعليقات:

إرسال تعليق